الفدرالية العربية للديمقراطية Title AFD Title

الإشكالية:
في تقديرينا في الفدرالية العربية للديمقراطية فإن السبب الرئيسي في المأزق السياسي في بلدان الربيع العربي هو تعجّل الأحزاب في الصراع على السلطة قبل نهاية المرحلة الانتقالية ومن دون ضوابط، فدول الربيع العربي ليست دول ديمقراطية حتى تتمسك الأحزاب حرفياً بالآليات الديمقراطية ومنطق الأغلبية والأقلية. والمرحلة الانتقالية ليست مرحلة تنافس على السلطة ولا حتى تعامل مع التركة ،ولا تتحمل منطق الغالب والمغلوب، بل هي مرحلة بناء منظومة سياسية جديدة تحصر الخلاف وتضبط المنافسة ويستوعب فيها كل ما هو قابل للإصلاح، وبالتالي فهي بحاجة إلى توافق يقتضي تنازلات ويحقق الأمن والاستقرار، والتحام بالشعب يقتضي شفافية ويحافظ على الزخم الثوري من أجل حسم الإستراتيجيات الكبرى والقضايا السيادية التي لا يصح فيها الخلاف،وتقوية الجبهة الوطنية وتحصينها ضد التآمر الداخلي والخارجي، وبناء مؤسسات حكم حيادية وطنية ومستقلة عن الأحزاب تتنافس الأحزاب لاحقا وتداول على إدارتها بتفويض شعبي مؤقت، وذلك جوهر الديمقراطية.

إن الصراع على الحكم قبل الأوان وبلا ضوابط أوجد فجوة بين النظم السياسية والشعوب مردّ كل ذلك إلى غياب التفكير الوطني والمنهجية العلمية الواقعية وانخفاض سقف التطلّعات وطغيان التفكير الحزبي الانتخابي وضعف الهوية الوطنية الجامعة ،حيث لا تزال الهويات والمصالح الفئوية التي تفرق هي السائدة، وإلى خلل في النظرة إلى الدولة حيث لا يزال مفهوم الغنيمة هو السائد ، ولا تزال مفاهيم المواطنة ودولة المؤسسات وحيادية الإدارة سطحية وغير متجذرة.من غير المتوقع في المدى القريب على الأقل أن يتمكن أحد من السلطة في البلاد العربية ثم يسلمها طوعاً، ومن ينتظر تداولاَ سلمياً على السلطة في البلاد العربية فسينتظر طويلاً.

أديرت بلاد الربيع العربي بكثير من الغموض والتكتم، ولم يصارَح الشعب بحقيقة الأوضاع ولم يقدم له برنامج واضح وواقعي للمرحلة الانتقالية، ولا خريطة طريق محددة للخروج منها: تلكؤ في تحديد موعد للانتخابات، وتعيينات بالطريقة نفسها التي تشكلت بها الحكومة، ومواقف وقرارات وأحداث وعلاقات أثارت شبهات وتساؤلات لم تلق إجابات واضحة ومقنعة، فلا محاسبة ولا لجان تحقيق مستقلة.كل ذلك أفقد الشعوب الاطمئنان وفتح الباب للشائعات والتشكيك وأضر بالمصداقية والشعبية وأوجد أرضية خصبة لشحن الأجواء، فتبخرت الثقة وأضيفت الفجوة بين الشعب والنخب السياسية إلى الفرقة بين الأحزاب فتبدد الزخم الثوري. وبدل التوافق بين الأحزاب عصفت حمى المناصب بوحدة عدد من الأحزاب، البعض انشطر والبعض الآخر استطاع أن يطوق أزماته أو يرحّلها، وحتى التحالفات التي جمعت المتناقضات كانت انتخابية بحتة. لذلك فإن المهمة الأساسية للفدرالية هي مساعدة أنصار الديمقراطية والإصلاح في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في إطار مساعيهم لبناء مؤسسات قوية تمثّل المواطنين على أفضل نحو، وتعزز ثقافة المساءلة والشفافية.والتجاوب مع الناشطين المدنيين، وبرلمانات، والحكومات ، والأحزاب.

فنظراً إلى تبدّل المشهد السياسي الإقليمي على امتداد السنوات القليلة الماضية، وإصرار المواطنين على تحقيق التغيير، اكتست قدرتهم على تنظيم أنفسهم. جديرٌ بالذكر أنّ برامج الفدرالية مصمّمة بطريقة تستجيب للتطورات السياسية الميدانية، بينما تضمن المساهمة في تطوير المجموعات المدنية والأحزاب السياسية والبرلمانات والمؤسسات الحاكمة على المدى الطويل. فضلاً عن ذلك، الفدرالية تولي اهتماماً خاصاً بمشاركة النساء والشباب بشكل ناشط في العملية السياسية بينما عمل على تعزيز الأنظمة السياسية التعددية، من خلال توطيد المؤسسات الديمقراطية، وصون الانتخابات، والتشجيع على مشاركة مدنية أكبر.

الفدرالية تسعى لتقديم فرصاً للقادة السياسيين والمدنيين في البلدان العربية ما بعد الثورة لتبادل الأفكار والدروس مع القادة في الدول التي شهدت عمليات انتقالية نحو الديمقراطية. خلال الأشهر القادمة ستقوم الفدرالية بالسعي إلى استخلاص النصائح العملية من تجارب دول أخرى، لمعرفة كيفية إنشاء الأطر السياسية اللازمة لتسهيل الانتقال من الحكم الاستبدادي. تقر الفدرالية أنّ نسج الشبكات بين الإصلاحيين ذوي الأفكار المتشابهة عنصرٌ أساسيّ في بناء الزخم اللازم للتغيير في مختلف أنحاء المنطقة، ناهيك عن أهمية تزويدهم بالفرص اللازمة لتبادل الخبرات وتوطيد البنى الداعمة.لتشجيع مبادئ الحكم الديمقراطي في دولهم من خلال تنظيم الانتخابات المتعدّدة الأحزاب، وإنشاء الهيئات التشريعية المستقلة، وضمان الاقتراع العام، وتعزيز مجتمع مدني ناشط.

لذلك ترى الفدرالية أن حركة مؤسسات المجتمع المدني العاملة في قضايا الديمقراطية والمعنية بتغيير الواقع العربي الراهن وترسيخ مفاهيم الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان تحتاج إلى دفعة قوية لتشجيع مساعيها في تحقيق أهدافها ودعم قدراتها وتطوير علاقاتها فيما بينها، وتكييف طبيعة روابطها بالدول ومؤسساتها المعنية، وضبط إيقاع علاقاتها بالمؤسسات الدولية. كما إن أهمية تعزيز القدرات المؤسسية لمنظمات المجتمع المدني من خلال رفع مستوى أداء العاملين فيها بالتدريب، والإفادة من التجارب المتقدمة في هذا المجال.وتعزيز انفتاح الجامعة العربية على مؤسسات المجتمع المدني، اتساقاً مع تأسيس مفوضية المجتمع المدني لدي الجامعة العربية ومقررات القمة العربية الأخيرة بالكويت.